تكنولوجيا الإنترنت ... مواقع التواصل الإجتماعي
تعددت وسائل الاتصال الحديثة وجمعت العالم بالتواصل
وتبادل الخبرات والمعلومات وبات الانترنت متربعاً على عرش التواصل خاصة بين شريحة الشباب
والمراهقين ليلبس ثوب البديل للتفاعل الاجتماعي الصحي مع الرفاق والأقارب وبين أفراد
الأسرة الواحدة مما أعطى مؤشراً خطيراً للتغير في منظومة القيم الاجتماعية للأفراد
حيث إن استخدام الفرد للانترنت يعزز الميل إلى الوحدة والانعزال، في حين يري الشباب
أن الانترنت يمدهم بالمعلومات الثقافية ويلحقهم بالمصداقية في نقل الخبر، بل ويرى آخرون
أن التأثر بالانترنت سلباً أو إيجابا يتوقف على المستخدم، والبعض يصرخ حائراً
" كيف نحمي أطفالنا من أخطاره؟" وفي الوقت ذاته أشاد آخرون بالانترنت على
اعتباره وسيلة فجرت الربيع العربي بثوراته عن طريق التواصل عبر شبكاته المتعددة، وعلى
صعيد آخر أعلن مجموعة من الاستشاريين والمختصين أن فقدان التواصل الاجتماعي نتيجة تكنولوجيا
الاتصالات يعد مفهوماً خاطئاً بدليل أن الأمريكيين هم أكثر مستخدمي الانترنت ومع ذلك
لم يفقدوا التواصل ولكن الفرق واضح في المجتمعات العربية، ولأهمية تلك الوسيلة تجولنا
بين مختلف الفئات لمعرفة المزيد حول هذه الظاهرة ...
ضرورة للكبار والصغار
* بداية أكد عبد
الله الرفاعي (مساعد مهندس) أن استخدام الانترنت أصبح ضرورة للكبار والصغار في الأسرة
وهو وسيلة الكترونية سريعة تتميز بسرعة نقل الخبر قبل وسائل الإعلام، كما أنها تتميز
أيضاً بالمصداقية، بالإضافة إلى أن الانترنت يمدنا بالمعلومات الثقافية ويمكننا الدراسة
عن طريقه حيث تتوافر الكتب والمراجع دون الحاجة للشراء والتكلفة، كما أن الانترنت أصبح
وسيلة لكل الناس في كافة الدول وفي الصين الإنسان الأمي ليس من يجهل القراءة والكتابة
ولكن هو من لا يعرف استخدام الانترنت، وهذا في حد ذاته أكبر دليل على شدة أهميته، أو
تلك جميعها تعد من إيجابيات الانترنت، أما سلبياته فهي تلك المواقع الإباحية التي يدخلها
المراهقون دون رقابة ورغم قيام وزارة المواصلات بحجب بعض المواقع إلا أن البعض يستطيع
فك الشفرات والدخول لتلك المواقع وهنا يظهر دور الأسرة تجاه رقابة أبنائها ولا بد أولًا
من وجود الوعي الكامل باستخدام الانترنت.
كبت المجتمعات المنغلقة
*
وأشار الرفاعي إلى
الكبت في المجتمعات المنغلقة والذي يعد من أهم الأسباب لإدمان الانترنت حيث إنه المتنفس
الوحيد ولكل فعل رد فعل والكبت بطبيعة الحال يؤدي إلى نتائج سلبية وهنا تتغلب الأعراف
الاجتماعية على الدين.
وفيما يخص دور الإعلام
تجاه التوعية باستخدام الانترنت يرى الرفاعي أنه ليس كافياً وفي مجتمعاتنا على وجه
التحديد نتعلم من خارج البيت أكثر ولدينا مادة علمية بكيفية تعلم الحاسوب تدرس في الجامعات
والمدارس، ولكننا نحتاج إلى مادة تعلمنا سلبيات وإيجابيات الانترنت.
أما الآباء فيجب
عليهم قبل الاهتمام بشراء أغراض غير مهمة أن يهتموا بشراء كتب توعية لأطفالهم تجاه
وسائل التكنولوجيا الحديثة ويجب أن تكون التوعية من المدرسة والبيت معاً.
مواكبة التغيرات
*
كما أكدت رئيس قسم
علم النفس بوزارة التربية نضال الحداد أن تأثير الانترنت سواء سلباً أو إيجاباً يتوقف
على المستخدم و الجميع أصبح الآن يستخدم الانترنت للتعبير عن كافة الآراء وأبرزها الآراء
السياسية التي بدأت تطفو على السطح في الآونة الأخيرة وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي
أداة لتفجير الثورات في معظم الدول، وفي الكويت تنظيم الندوات والمظاهرات يتم أيضاً
من خلال التواصل عن طريق الانترنت، ولكن تأثير الانترنت يظهر بصورة أكثر تأثيراً على
الأطفال والشباب لأنهم مستهدفين والرؤوس المدبرة تكون غالباً مجهولة إلى أن يحدث التخريب
في المجتمع.
كما اعترضت الحداد
على استخدام الانترنت بشكل مبالغ فيه وعدم احترام قواعد المرور خاصة بعد الذي يستخدمه
العالم كله والتعارف والزواج عن طريق وسائل الانترنت المختلفة ظهور( الواتس اب) ووسط
كل ذلك غابت التوعية من قبل وسائل الإعلام تجاه سلبيات الانترنت والتي يجب أن تنشر
الوعي عن طريق البرامج والدورات بالإضافة إلى دور الأب والأم من الصغر ومدى تقبل الأبناء
نصائح وتوجيهات الأبوين ولا بد أن يكونوا رقباء على الأبناء وتوعيتهم بسلبيات وإيجابيات
الإنترنت التي تفيد الإنسان وترتفع به إلى المستوى الأعلى وحماية أبنائهم من خطر التكنولوجيا،
كما يجب على المدارس والجامعات تدريس برامج تفيدهم بسلبيات وإيجابيات الانترنت.
تأثيره في المجتمع
*
ومن جانبه قال المحامي
محمد أبو الخير إن تأثيرات الانترنت كبيرة جداً ويتضح ذلك من خلال انتشارها الواسع
في مجالات التجارة والترفيه والتعليم، والأمن والديمقراطية في ظل الانترنت، فقد أصبح
الانترنت يستخدم في التسوق والتعاملات المالية والمناقشات والمجادلات والاستشارات الطبية
والتعليم والتأهيل الجامعي، وعلى مستوى العالم، ويعد هذا ضمن الجوانب الايجابية للانترنت،
أما الجانب السلبي لاستخدامه فيتضح من خلال مساهمته في تحطيم المناعة الأخلاقية لدى
مستخدميه، كما يؤدي إلى ضعف التواصل الاجتماعي مع الأسرة.
كما تطرق أبو الخير
إلى التأثير السياسي للانترنت فهو على حد وصفه يعد تأثيراً بالغاً في مجريات الأحداث
الدولية والإقليمية والوطنية، وانعكاس هذه التأثيرات، سلباً أو إيجاباً، على كافة المجالات
اقتصادية، واجتماعية، وثقافية.. إلخ، وتوطيد العلاقة بين المعلوماتية والسياسة جعل
الساسة وصناع القرار يعملون لهذه الوسيلة ألف حساب.
تأثير الانترنت على
الشباب
ويتمكن الشباب عن
طريق الانترنت من الإطلاع على الجيد من المعلومات فى شتى المجالات، وكذلك الأخبار السياسية
والاجتماعية والفنية وربما نجد الخبر فور وقوعة يتصدر محركات البحث عند البحث عن خبر
ما, بل يمكنك متابعة الأخبار يومياً من خلال الصحف الالكترونية، إذاً فالحصول على المعلومات
والأخبار من خلال الانترنت أصبح فى تلك الفترة أمراً أساسياً بالنسبة لكثير من مستخدمي
الشبكة العنكبوتية في سرعة الوصول إلى الأخبار بشكل مبسط وسلس.
وعلى جانب آخر هناك
أضرار اجتماعية بما أن الانترنت أصبح وسيلة سهلة للتواصل والتفاعل بين الكثير من الأشخاص
من خلال الشبكة العنكبويتة ويمكنك التعارف على أشخاص جدد من خلاله إلا أن الانترنت
يؤدي إلى البعد عن الأهل والأصدقاء مما يسبب أضراراً اجتماعية, قد تؤدي إلى تدمير علاقته
الاجتماعية بما يحيط حوله من أشخاص.
ولعل الرهاب الاجتماعي
أو كما عرفة علماء الاجتماع هو البعد عن الناس والانطواء بعيداً عن المجتمع وفقدان
التفاعل الاجتماعي، وهي " الأضرار الاجتماعية " فالرهاب يعنى الانطواء فى
عالم خيالي يجد الشخص فيه كل ما يتمناه و يتصفح ما يشاء ويتعرف على أشخاص جدد وبجانب
الانطواء أو الرهاب الاجتماعي فهناك أضرار أخرى كثيرة.
نوعية التصفح والمتابعة
* وعلى جانب آخر
أكد المهندس "عبد الرزاق صادق " أن تأثير الانترنت على أفراد الأسرة سلباً
وإيجاباً يتوقف على الاستخدام ونوعية التصفح، وأعتقد لا دور للأب والأم ففي أغلب الأحيان
عقلية الأبناء تزداد سوءاً بعد النصائح وأكبر دليل على ذلك ما يحدث فى غياب الوالدين
وتزداد فى المدرسة ونوادي الانترنت، كما أنني أعتقد أيضاً سن المراهقة عند الأولاد
والبنات وإصرارهم لمعرفة ما هو جديد فى قصص الحب وما شابه ذلك. وجميع المؤثرات تعود
إلى مكان المنشأ وتقاليد البلد التي نعيش فيها ويتأثر الأبناء بدرجة أو بأخرى، ويتسبب
في تأخرهم في التحصيل الدراسي بسبب انشغالهم بالانترنت وهناك عدد لا بأس به من الطلاب
تم فصلهم من الجامعة بسبب هذه المشكلة. وينصح بوضع "الكمبيوتر" في مكان عام
وليس في غرف الأبناء، ومتابعة الأطفال أثناء جلوسهم إليه، وأن يجلس أفراد العائلة مع
بعضهم بعضاً، حتى تعم الفائدة على الجميع، و كذلك مطلوب من الأسرة وضع استراتيجية للتعامل
مع هذه الأجهزة، وأن تحرص الأُم على متابعة أبنائها.
حد الإدمان
*
من جانبها أشارت
عضو هيئة التدريس بجامعة الكويت قسم علم النفس د.نعيمة الطاهر أن العلاقة بين أفراد
الأسرة علاقة تواصل ومحبة وتحتاج إلى الهدوء وبعض الأسر وصلت إلى حد الإدمان في علاقات
التواصل وهناك عدد كبير من الأزواج يفسدون علاقاتهم بزوجاتهم نتيجة تلك العلاقات وكذلك
الشباب الذين وصلوا إلى حد الإدمان في استخدام الشبكة العنكبوتية ننصحهم دائماً بالتوجه
إلى هواية أخرى للبعد عن جذب الكمبيوتر والمواقع لما لها من أخطار تؤثر في الصحة النفسية
والبصرية وتجعل طاقة الجسم سلبية ما يشعر المستخدم بالتعب والتوتر ولا بد من تخصيص
وقت قليل للتواصل والشات وهذا ليس عيباً في التكنولوجيا ولكن في سوء الاستخدام .
وتطرقت د. الطاهر
إلى ظاهرة غياب الحوار الأسري بين الأب والأم والأبناء حيث إننا فقدنا الاجتماعات الأسرية
المليئة بالحوارات الهادفة بسبب انشغالنا بوسائل التكنولوجيا الحديثة، ونحن نحتاج الآن
إلى إعادة بناء الكيان الأسري والتوعية ونحتاج إلى إعادة الثقة بين أفراد الأسرة الواحدة،
وضرورة توجيه الأبناء توجيهاً صحيحاً.
تقنيات الاتصال والعزلة
الاجتماعية
*
من جهته أكد الاستشاري
النفسي والاجتماعي د. حسن الموسوي أن الأمريكيين الذين يستخدمون تقنيات الاتصال الحديثة
اجتماعيون أكثر من غيرهم، وأن الانترنت والهواتف المحمولة لا تشد الناس بعيداً عن الأوساط
الاجتماعية التقليدية بل تعززها، حيث يرتبط استخدامها بشبكات مناقشة أوسع وأكثر تنوعاً
وهذا ما توصلت إليه الدراسة التي أجراها "مشروع بيو للانترنت والحياة الأمريكية"،
ورغم أن الدراسة الجديدة أشارت إلى أن استخدام الشبكات الاجتماعية قد يحتل مكان العلاقات
مع الجيران، إلا أنها تظهر أن مستخدمي الانترنت قد يزورون جيرانهم مثلهم مثل الآخرين،
كما أن الأشخاص الذين يستخدمون الهواتف المحمولة وشبكة الانترنت بكثرة في العمل، غالباً
ما ينتمون إلى مجموعات تطوعية محلية أيضاً.
وأشار الموسوي إلى
اختلاف تلك الدراسة في المجتمعات العربية التي تتخذ فيها العلاقات الأسرية والاجتماعية
أبعاداً أعمق وأوثق من مثيلاتها في الثقافات الأخرى حيث إن ثورة المعلومات والاتصالات
وانتشار الانترنت في البيوت والمؤسسات والمقاهي تعد ظاهرة تستحق الاهتمام والدراسة
لمعرفة آثارها الاجتماعية والنفسية في الجوانب الأخرى.
عالم في حد ذاته
ويرى الموسوي ان
الانترنت عالم في حد ذاته وهو شيء ضروري للجهاز العصبي ولكن استخدامه بشكل مفرط يؤثر
على النشاط العام والصحة والعلاقات الاجتماعية وهي النتائج السلبية ولا بد من خلق حالة
من الانسجام بين الفرد والانترنت لجعل الإنسان أكثر قدرة على التعامل مع الحياة مشيراً
إلى حالة الكبت في المجتمعات المنغلقة والتي لا تمنح للفرد حرية التعبير فيضطرون إلى
استخدام الانترنت الذي يعد الوسيلة الوحيدة للتنفيس الانفعالي والتعبير عن الآراء ولكنه
بهذا الشكل سيعطي بداية للانفتاح على الآخر وبداية للتعبير والدولة سوف تتحول إلى دولة
اجتماعية منفتحة.
مراقبة المواقع
وتوجه الموسوي إلى
دور الإعلام الذي لا بد أن يوضح أهداف الانترنت والطريقة المثلى لاستخدامه بشكل جيد
وضرورة مراقبة الانترنت بالنسبة للأبناء من حيث معرفة المواقع التي تضرهم نفسياً واجتماعياً
ومن خلال الإعلام ولا بد من مراقبة المواقع التي يستخدمها الأبناء والحرص على تنظيم
الوقت.
كما وجه الموسوي
نصيحة للأبوين ألا يمنعوا أبنائهم من استخدام الانترنت لأن الممنوع مرغوب ولايحرموا
أبناءهم من حقهم في استخدامه، وحرص الأبوين على المزيد من التوعية وثقافة الانترنت
التي أصبحت ضرورية لمتابعة الأبناء ومراقبتهم بشكل غير مباشر.
ماجدة أبو المجد / صناع المستقبل
تحقيق ممتع ..
وللأسف فقد غدَت فعلاً ضرورة
لكنها ضرورة سيئة النتائج :(