لماذا نحتاج إلى صحافة البيانات ؟!.
تبرز أهمية صحافة
البيانات والحاجة اليها في عصر تكنولوجيا الرقمية، فالمعلومة مقدمة على الرأي الشخصي،
وهكذا تفكر الصحافة في العالم الجديد.
صحافة البيانات |
ومع بزوغ نجم صحافة
البيانات في الغرب بدأت غرف الاخبار المتقدمة في تقليص عدد المحررين الذين يتجهون إلى
مجال العلاقات العامة ويستبدلونهم بآخرين مهتمين بالاستقصاء وجمع وتحليل المعلومات
والسؤال هنا :
لماذا نحتاج الى صحافة البيانات؟
ان المعلومات بشكل
عام تتيح للصحفي العمل بشكل مستقل وأكثر ثباتا.
فلنأخذ هذه المهام الصعبة بعين الاعتبار؛ وذلك عوضا عن البحث عن صحفيين لمجرد ملئ الصفحات
والمواقع الإلكترونية بنسخ متكررة من نفس المحتوى، وهو ما يحتاج الى تدريب للصحفيين
على المهام والمهارات الجديدة ..
الحاجة للتدريب
قبل عدة سنوات
أجرى مركز الصحافة الأوروبية استبيانا لمعرفة المزيد عن احتياجات تدريب الصحفيين ووجد
استعدادا كبيرا للبعد عن الطريقة التقليدية للعمل الصحفي ولاستثمار الوقت من أجل إتقان
مهارات جديدة. أ وأظهرت لنا نتائج الاستبيان أن الصحفيين يرون في ذلك فرصة ولكن يحتاجون
قليلا من الدعم لاختراق المشاكل الأولية التي تحول دون التعامل مع البيانات.
ويتساءل ميركو
لورنز من صحيفة دويتش فيلي: ”ان هناك ثمة ثقة
أن سير العمل وأدواته وكذلك النتائج سوف تتحسن جميعها إذا ما تم الاستعانة بصحافة البيانات
بشكل أوسع، ويستمر الرواد أمثال صحف مثل “الجارديان” أو “نيويورك تايمز” أو “تكساس
تريبيون” أو “دي تسايت” الألمانية في وضع معايير أعلى عن طريق نشر مقالاتهم المعتمِدة
على البيانات، ولكن هل تظل صحافة البيانات حكرا على حفنة صغيرة من الرواد؟ أم سيكون
لكل مؤسسة إخبارية قريبا فريقها الخاص المكرس لصحيفة البيانات؟
لماذا تعتبر صحافة البيانات مهمة؟
سألنا بعض الرواد
والمبتكرين في صحافة البيانات عن سبب اعتقادهم بأنها تمثل تطورا مهما؟، فكانت اجابتهم
كالتالي :
فيليب ماير، أستاذ
غير متفرغ بجامعة شابل هيل بشمال كارولينا يقول :"انها مهمة لتصفية تدفق البيانات،
فعندما كانت المعلومات شحيحة كانت كل جهودنا مكرسة لصيد الخبر وجمعه. أما الآن ومع
وفرة المعلومات أصبحت معالجة الخبر نفسه أمر أكثر أهمية. ويتم معالجة الخبر على مستويين:
1) تحليل لإيجاد معنى
و وضع هيكلة لسيل البيانات غير المتناهي.
2) عرض الخبر للحصول
على ما هو مهم وذو صلة بالمستهلك، تشبه صحافة المعلومات العلوم، فهي تكشف أساليب عملها
وتعرض استنتاجاتها بطريقة يمكن التحقق منها عن طريق تكرار الأساليب نفسها".
أما أرون بيلهوفر
– نيويورك تايمز فيرى انها نهج جديد في طرح التقارير ويقول: ان صحافة البيانات هو مصطلح
شامل يضم مجموعة متزايدة من الأدوات والتقنيات، ونهج يتبع في طرح القصة، ويمكن أن يشمل
كل شيء، بدءا من إعداد التقارير بالطريقة التقليدية بمساعدة الحاسوب (باستخدام البيانات
كـ”مصدر” لتلك التقارير)، مرورا بالرسوم البيانية (الانفوجرافيك) الأكثر تطورا، وانتهاء
بتطبيقات الأخبار”.
ويبقى الهدف العام
لصحافة البيانات ذو طابع صحفي ايضا، وهو توفير المعلومات والتحليلات التي تساعد على
إثرائنا جميعا بأخبار تخص القضايا المهمة اليومية.
وهو ما يؤكده براين
بوير – شيكاغو تريبيون: "تشبه صحافة الصور لكنها تستعين بجهاز الكمبيوتر المحمول
حيث تختلف "صحافة البيانات" عن "صحافة الكلمة" في كون كل منهما
يستعين بأدوات مختلفة. فكلاهما يعملان في مجال البحث عن الأخبار ونقلها بعد ربط المواد
بعضها ببعض. وأيضا يمكن القول أن صحافة البيانات تشبه صحافة الصور مع استبدال آلة التصوير
بجهاز الكمبيوتر المحمول".
صحافة البيانات هي المستقبل
يقول تيم بيرنرز
لي – مؤسس شبكة الإنترنت العالمية : "إن المستقبل ملك الصحافة المعتمدة على البيانات،
لذا وجب على كل صحفي أن يبرع في التعامل مع تكنولوجيا البيانات". ويضيف:
"في الماضي كان الصحفي يحصل على المواد عن طريق الدردشة مع الناس في الحانات وربما
ما يزال الأمر كذلك في بعض الأحيان، لكن الحال تغير الآن وأصبح من اللازم على الصحفي
أن ينكب على دراسة البيانات مع تجهيز نفسه بالأدوات اللازمة لتحليلها وانتقاء ما هو
مثير للاهتمام مع الحفاظ عليها جميعا في رسم توضيحي، لمساعدة الناس على رؤية جميع زوايا
الموضوع وفهم حقيقة ما يدور حولهم “.
ديفيد اندرتون
وهو صحفي مستقل يرى انها محاولة لاتحاد الأرقام مع مجال العمل بالكلمات ويقول:
"تملأ صحافة البيانات الفجوة بين العاملين في مجال إعداد الإحصائيات ومجال صياغة
الكلمة، عن طريق العثور على القيم المتطرفة والبحث عن النزعات الجديدة، التي غالبا
ما لا تحمل فقط دلالات إحصائية لكنها أيضا تتعلق بمسألة تجزئة وتبسيط طبيعة عالمنا
المعقد الحالي".
تطوير مهارات الصحفي
ويعتبرها جيري
فيرمانن – صحفي متخصص في صحافة البيانات- عبارة عن مجموعة جديدة من مهارات للبحث والفهم،
ومن ثَمَّ وضع تصور المصادر الرقمية في عالم لم تعد فيه المهارات الأساسية المستخدمة
في الصحافة التقليدية تكفي.
ويضيف: "صحافة
البيانات ليست بديلا من الصحافة التقليدية لكنها إضافة إليها، في وقت تحولت فيه المصادر
إلى مصادر رقمية أصبح ممكنًا للصحفيين -بل يجب- أن يكونوا أقرب إلى تلك المصادر، لقد
فتح الإنترنت آفاقا تتجاوز مفهومنا الحالي، لذا يبدو أن صحافة البيانات ما هي إلا بداية
تطور لممارساتنا العملية في الماضي حتى نتكيف مع الإنترنت، وهي أيضا تخدم غرضين مهمين
لوكالات الأنباء.
فهي تعمل على ايجاد
مواد إخبارية فريدة (بعيدا عن الطريقة التقليدية) وكذلك تساعدك على القيام بدورك كحارس،
وهذه أهداف مهمة جدا يجب على الصحف أن تحققها، خاصة في أوقات الأزمات المالية الطاحنة.
وصحافة البيانات
أساسية على الأقل بالنسبة للصحف الإقليمية، فكما يُقال: الأخبار العادية التي تخص مدينتك
هي دائما أكثر أهمية من أخبار شغب تخص بلاد بعيدة.
فالأخبار المحلية
تصل إليك وتؤثر فيك بشكل مباشر، وفي الوقت نفسه أصبح التحويل الرقمي مُفعل في كل مكان،
وبما أن الصحف المحلية لديها هذا التأثير المباشر، ولأن المصادر الإخبارية أصبحت مرقمة
وجب على الصحفي أن يعرف كيفية العثور على القصة وتحليلها وتصورها من خلال البيانات
والمعطيات.
يؤكد توم فرايز-
مؤسسة برتلسمان – على أهمية صحافة البيانات: "ان تماثل المعلومات هو واحد من أهم
المشاكل التي تواجه المواطنين عندما يقومون باختيار أسلوب الحياة الذي ينشدونه لأنفسهم.
فالمعلومات المأخوذة من وسائل الإعلام، سواء المطبوعة أو المرئية أو المسموعة، تؤثر
على اختيارات المواطنين وسلوكهم، لذلك تعتبر الصحافة البيانات الجيدة عاملًا مساعدًا
على مكافحة عدم تناسق المعلومات".