فن المقال الصحفي
من أشهر قواعد العمل
الصحفي أن " الخبر مقدس و التعليق حر " حيث يدخل المقال في إطار هذا التعليق
بما يميزه عن غيره من الفنون الصحفية بحيث يعد العنصر الشخصي ركنا أساسيا من أركانه.
و يختلف المقال الصحفي
عن باقي الفنون التي تم استعراضها من حيث أنه تعبير ذاتي وشخصي عن الأفكار والخبرات
والاتجاهات, حتى لو كان هذا التعبير معارضاً في مضمونه لأفكار وخبرات واتجاهات أخرى.
وكلمة " مقال
" تعني : محاولة أو خبرة أو تجربة أولية .
ورغم أن بداية الصحافة
الأولى في العالم كانت صحافة مقال وتحولت إلى صحافة خبر إلا أن المقال لم يفقد أهميته
وحيويته , بل يعتبر مؤشراً من مؤشرات الديمقراطية والحريات التي يتمتع بها بلد دون
الآخر خاصة المقالات النقدية التي تهاجم مظاهر الفساد والسياسات غير السوية في المجتمع
أيا كان مصدرها , كما يدل المقال على نضوج المجتمع واتجاهات الرأي العام فيه .
ويعبر أحد الخبراء
عن المقال بكلمات فيقول عنه: المقال رسالة من العقل إلى العقل والقلب .
أما المقال كما عرفه
د.محمود أدهم فهو : " فكرة يقتنصها الكاتب خلال معايشته الكاملة للأنباء والآراء
والقضايا والاتجاهات والمشكلات المؤثرة على القراء والمجتمع بحيث يعرضها ويشرحها بالتأييد
أو المعارضة بلغة واضحة وأسلوب مبسط يعكس شخصيته وفكره " .
و تعرفه دائرة المعارف
البريطانية على أنه: " إنشاء متوسط الطول يكتب للنشر في الصحف و يعالج موضوعا
معينا بطريقة مبسطة و موجزة على أن يلتزم الكاتب حدود الموضوع".
* أنواع المقال الصحفي :
للمقال الصحفي أنواع
مختلفة أخذت تتطور حتى صار كل منها يشكل فناً صحفياً قائماً بذاته وهي:
1/ المقال الافتتاحي.
2/ المقال العمودي.
3/ المقال النقدي.
4/ المقال التحليلي.
5 / مقال اليوميات.
و قد تجد بعض الكتاب
يجتهدون في وضع أنواع أخرى من المقالات غير تلك المذكورة ، و من هذه الأنواع المقال
التفسيري و المقال المتخصص و مقال المناسبات و مقال الفكاهة.
وظائف المقال الصحفي:
المقال الصحفي لا
يكتب فقط للتعرف على الآراء بصورة مجردة أو لتبادل الأفكار فقط وإنما يؤدي العديد من
الوظائف أهمها:
1/ الإعلام: بتقديم معلومات وأفكار جديدة عن
قضايا ومشكلات تشغل بال الرأي العام.
2/ الشرح والتفسير: من خلال التعليق على الأخبار
والأحداث اليومية بهدف استجلاء أبعادها ودلالاتها.
3/ التثقيف: عن طريق نشر المعارف الإنسانية
المختلفة.
4/ الدعاية السياسية: بنشر سياسات الحكومات
والأحزاب ومواقفها المختلفة من القضايا.
5/ تعبئة الجماهير: بهدف خدمة نظام سياسي أو
اجتماعي معين أو للإسهام في إثارة الجماهير وحشد طاقاتها وتحقيق التنمية الوطنية.
6/ تكوين الرأي العام: من خلال التأثير على
اتجاهات الرأي السائدة في المجتمع بالسلب أو الإيجاب.
7/ التسلية والإمتاع: للترويح عن القراء مع
ارتباط التسلية بهدف معين.
8/ تنمية المجتمع في المجالات المختلفة.
9/ الدفاع عن المباديء السامية و العقيدة الإسلامية
في مواجهة الادعاءات الزائفة بحقه.
10 / الدفاع عن الحريات التي لا تتناقض مع المباديء
و الأخلاقيات.
* بأي لغة نكتب المقال ؟
المقال الصحفي يختلف
عن المقال الأدبي الذي يعرض تجربة الكاتب الذاتي وعواطفه ومشاعره وعن المقال العلمي
الذي يعتمد أساسا على الحقائق والنظريات العلمية فهو وسط بين الاثنين لأن فيه شئ من
" ذاتية الكاتب الأدبي وموضوعية العالم ".
فلغة المقال الصحفي
أقرب إلى لغة الحياة العامة بمعنى أن يفهمها كل الناس على اختلاف مستوياتهم التعليمية
أو الثقافية, ولكنها ليست اللغة العامية.
ويصف البعض هذه اللغة
بالقول : لغة العربية الفصحى المعاصرة أو فصحى عصر الصحافة والإعلام .
* البناء الفني للمقال :
يتكون البناء الفني
الأساسي للمقال من ثلاثة أجزاء هي: المقدمة و الجسم و الخاتمة. ويكتب بقالب الهرم المعتدل
على عكس كتابة الخبر الصحفي, بحيث لا يمكن الاستغناء عن أي جزء منهم لأن ذلك يقلل من
شأن المقال ويحد من فاعليته, وإن كانت الخاتمة هي الأقل حظا بين كتاب المقال وهو ما
يقتضي الانتباه إليه.
و تضم هذه الأجزاء:
المقدمة : كل موضوع
صحفي يبدأ بمقدمة وفي المقال نبدأ بمدخل تمهيدي للفكرة لإثارة انتباه القارئ وشده لمتابعة
بقية المقال , كما يمكن أن تتضمن فكرة جديدة مثيرة أو قضية تشغل بال الرأي العام ,
أو تعليقا على خبر هام يتداوله الناس أو وصفا لمشكلة خطيرة وحساسة في المجتمع .
الجسم : وهو الجزء
الذي يحتوي على المادة الحيوية والجوهرية ( الدسمة ) في المقال ,ويضم البيانات والمعلومات
والحقائق المرتبطة بالموضوع , الأدلة والأسانيد المؤيدة لوجهة نظر الكاتب ,أبعاد الموضوع
ودلالاته المختلفة والخلفية التاريخية للموضوع .
الخاتمة: وهي أهم
أجزاء المقال التي يتوقف عليها مدى اقتناع القارئ أو عدم اقتناعه بفكرة الموضوع وبآراء
الكاتب وغالبا ما تضم واحدا من النقاط التالية:
خلاصة ما توصل إليه
الكاتب من آراء, دعوة القارئ للمشاركة في إيجاد حلول للقضية أو المشكلة المطروحة لتفعيل
دوره أو دفع القارئ لاتخاذ موقف معين اتجاه موضوع مطروح أو النصيحة التي يقدمها الكاتب
للقراء عامة وللمرتبطين بالموضوع خاصة.